قبل خمسة عشر عاماً، إذا كنت تعيشين في أفغانستان، فقد كان من الممكن أن تتعرضي للضرب لأهون الأسباب، وكان من الممكن أن تتعرضي للضرب وربما القتل إذا خرجتِ بمفردك من دون محرم. وأصبحت النساء غريبات في المجتمع الأفغاني، وأثناء انتظارهن في طوابير الخبز، تعلمن معرفة إحداهن الأخرى من أصواتهن ووجوه الأطفال المرافقين لهن. أما اليوم، فإحدى هؤلاء النسوة هي «نسيمة رحماني»، محامية رائدة ومعلمة تحضِّر شهادة الدكتوراه. و«رحماني» ليست وحدها، فالنساء في أفغانستان يغيرن حياتهن ودولتهن. وقبل خمسة عشر عاماً، لم يكن هناك سوى خمسة آلاف فتاة مسجلة في المدرسة الابتدائية. وسرعان ما قفز هذا العدد إلى ثلاثة ملايين. وأضحى 36? من المعلمين إناث. ودشنت السيدة الأولى في أفغانستان «رولا غني» مشروعاً لتأسيس أول جامعة للفتيات، تديرها نساء. كما تشغل 69 امرأة مقاعد في البرلمان. وهناك أربع وزيرات في الحكومة وحاكمتان للأقاليم، وهناك آلاف من سيدات الأعمال. وبمناسبة يوم المرأة العالمي، الذي وافق أمس الثلاثاء، يصدر معهد «جورج بوش» كتاباً جديداً بعنوان «نحن الأفغانيات: أصوات الأمل»، يرصد قصصاً ملهمة لنساء مثل «رحماني»، تذكرنا بالتحديات التي تحملتها الأفغانيات والنجاحات المذهلة التي حققنها. ويصعب أن نجد دولة أخرى تمكنت فيها المرأة من إحراز هذه المكاسب الكبيرة في مواجهة صعاب شاملة خلال فترة قصيرة. ففي الولايات المتحدة، نالت المرأة حق التصويت عام 1920، لكن لم يبدأ قبولها في كافة جامعات النخبة حتى عام 1969. وبحلول عام 1961، كانت هناك 20 امرأة فقط في الكونجرس، وإن كنا في عصر «توتير» و«إنستجرام» لا نكاد نتذكر أن التغيير الحقيقي يستغرق وقتاً. ورغم ذلك، ينبغي ألا نقلل من التحديات التي لا تزال تواجه المرأة في أفغانستان. وفي وقت لاحق من الشهر الجاري، تحين الذكرى السنوية الأولى على مقتل شابة تدعى «فرخندة» بطريقة وحشية على يد حشد من الناس، بسبب اتهامها زوراً بحرق المصحف. وتوجد تقارير منتظمة حول هجمات على مدارس الفتيات واعتداءات على الطالبات. وفي يوليو الماضي، تعرضت ثلاث فتيات لرش أحماض على وجوههن أثناء سيرهن إلى المدارس في إقليم «هيرات». ولا يزال العنف ضد المرأة يشكل مشكلة خطيرة. لكنني متفائلة، ويحدوني الأمل بسبب مهارات وتصميم وقدرات النساء الأفغانيات. وعندما وقفت «سكينة يعقوبي» في مخيم يعج باللاجئين، عرفت أن شيئاً واحداً يحتاجه كل أفغاني ألا وهو التعليم. وفتحت 15 مدرسة تستوعب طفل 21 ألف لاجئ. واليوم، يُعلّم أحد برامجها في أفغانستان النساء القراءة والكتابة، وإجراء العمليات الحسابية باستخدام الهواتف المتحركة. وواجهت «ناهد فريد»، العضوة الشابة في البرلمان الأفغاني، تهديدات بالقتل عندما ترشحت للمنصب. وأزيلت صورها أثناء الحملة الانتخابية، ووعَد خصومُها بإلحاق الخزي والعار بأسرة زوجها، لكن هذه الأسرة أصرت على استمرارها. والآن باتت «فريد» تدافع عن حقوق النساء والأطفال، وتعمل في لجنة العلاقات الدولية في البرلمان. لقد أضحت أفغانستان نقطة ساخنة في العالم، فقبل أحداث 11 سبتمبر كانت ملاذاً إرهابياً. وهي دولة يافعة؛ إذ يبلغ متوسط أعمار سكانها 18.3 سنة. وعليه، يجب أن تبقى السياسات الأميركية تجاهها متسقة، لاسيما أن المجتمع الأفغاني مجتمع مرن، والطريقة المثلى للاستفادة من مرونته هي أن يكون دعمنا متوقعاً. وإذا أدارت الولايات المتحدة ظهرها لأفغانستان، فإن قوى أخرى ستتقدم للقضاء على المكاسب الصعبة المتحققة. علينا أن نساعد أفغانستان على توفير مستقبل أفضل، وأن تحولها مرة أخرى ملاذاً إرهابياً، أو أن تسقط في أيدي «طالبان» أو «داعش». لورا بوش رئيسة مبادرة المرأة في معهد جورج بوش ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»